مقالات مقال رأي بقلم: د. رمزي الجرم

مشكلة اللاجئين والوضع الاقتصادي الحرج

لاشك أن مشكلة اللاجئين من الدول العربية الشقيقة، بات يمثل أحد أهم التحديات التي تواجه الدولة المصرية، خصوصًا بعد نزوح الملايين من الأشقاء السودانيين إلى مصر بعد تصاعد حدة الاشتباكات بين الفصائل المسلحة والجيش السوداني، والذي أدى إلى تفشي الحرب الأهلية بشكل مخيف ومقلق.

ومن الجدير بالذكر، أن الدولة المصرية، قد يكون بمقدورها أن تستقبل ملايين من الاشقاء العرب ،كما كان الحال قبل التوترات الجيوسياسية والنزاعات المسلحة في المنطقة؛ ولكن عندما يتجاوز عدد اللاجئين مستوى الاثنى عشر مليونا حسب إحصائيات غير الرسمية(9 مليون وفق احصائيات رسمية) في هذا الظرف الشديد الذي يواجه الاقتصاد المصري؛ فهذا يشكل ناقوس خطر على كافة المستويات، وبشكل خاص المستوى الاقتصادي، الذي يعد احد أهم الشواغل التي تشغل بال صانعي السياسة الاقتصادية والنقدية في البلاد، هذا في ظل انخفاض نصيب الفرد من الموارد المائية وغيرها من الخدمات الحكومية الأخرى، حيث تقدر الاحصائيات أن اللاجئين يستنفذوا ما يعادل 10 مليار دولار سنويا، هذا في ظل التحديات التي تم فرضها من صندوق النقد الدولي على مصر، من أجل استكمال صرف الدفعات المستحقة والتي تأخر صرفها فترة طويلة، من القرض الموقع مع الصندوق منذ أكثر من عام مضى.

والحقيقة، ان الشروط الصعبة التي فرضها صندوق النقد الدولي على مصر من أجل استكمال القرض السابق ذكره ، تمثل عبء شديد للغاية على الحكومة، والذي يفرض عليها تبني مصادر غير تقليدية للنقد الأجنبي، وهذا يصطدم بفقدان موارد ضخمة من النقد الأجنبي بسبب وجود اللاجئين على أرض مصر، فضلاً عن ان تنفيذ صفقات الاستثمار الأجنبي المباشر، ومن اهمها مشروع رأس الحكمة ، وبعض المشروعات الأخرى المزمع توقيعها في القريب العاجل، سوف تتطلب توفير طاقة كهربائية وموارد مائية وغاز ونفط وغيرها من المرافق التي لابد من توافرها بشكل أساسي، من أجل تنفيذ تلك المشروعات في الوقت المحدد، وفي المقابل يتعارض ذلك مع شروط الصندوق، وهذا كله يضغط بشكل شديد على صانعي السياسة العامة.

إلا أنه ينبغي أن يكون التعامل مع اللاجئين بشكل جديد، يختلف عما سبق، فإذا كانت الدولة تعتبرهم ضيوفا وليسوا لاجئين، وهذه حقيقة ، الا ان الامر عندما يتحول إلى كارثة حقيقية للاقتصاد الوطني، فمن الضروري التعامل معه بشكل اخر يحفظ كرامة اللاجئين وفي نفس الوقت لا يهدم الاقتصاد الوطني، على سبيل المثال يتم التعامل معهم كما تتعامل الدول الخليجية النفطية مع الجنسيات العربية المتواجدة على أرضها.