أحمد أبو علي يكتب: في زمن الخوف تُصنع الثروات.. قراءة اقتصادية في فلسفة الاستثمار الذكي

“كن خائفاً عندما يكون الآخرون جشعين، وكن جشعاً عندما يكون الآخرون خائفين”..
هكذا لخّص الملياردير الأمريكي وارن بافيت واحدة من أعمق استراتيجيات الاستثمار على الإطلاق. ورغم بساطة العبارة، إلا أنها تحمل خلفها مدرسة كاملة من الفهم العميق لديناميكيات السوق، وسلوك المستثمرين في أوقات الأزمات والازدهار.
في عالم المال، لا شيء ثابت سوى التغيير. الأسواق تصعد وتهبط، والمشاعر تتأرجح ما بين الطمع والخوف، لكن ما لا يتغير هو أن الفرص الحقيقية عادة ما تولد وسط الضباب، حين يتراجع الجميع، ويترددون، ويتملكهم القلق. وفي هذه اللحظة بالضبط، يُولد الفرق بين من يراهن على الحاضر، ومن يراهن على المستقبل.
لقد أثبتت تجارب كثيرة أن أعظم الثروات لا تُبنى في زمن الرخاء، بل تُبنى حين يتراجع السوق، وتنخفض الأسعار، ويظن الناس أن النهاية قد اقتربت.
• أثناء الأزمة المالية العالمية 2008، خسرت الأسواق تريليونات، لكن مستثمرين قلائل اشتروا أسهماً كبرى بأسعار هزيلة، ليضاعفوا ثرواتهم في سنوات قليلة.
• في ذروة وباء كورونا، حين انهارت قطاعات مثل السياحة والطيران والعقارات، رأى البعض “خسارة مؤكدة”، ورأى آخرون “فرصة عمر”.
وهذا لا يعني أبداً التهور أو المقامرة، بل على العكس تماماً، ففلسفة “بافيت” تدعو إلى التحليل والهدوء والصبر. الجشع الذكي – حسب تعبيره – لا يعني الانقضاض الأعمى، بل البحث عن القيمة الحقيقية حين يغفل عنها الجميع.
في السياق المحلي، ومع ما يشهده الاقتصاد المصري من تحديات، وتغيرات في سعر الصرف، وموجات تضخم، يخشى كثيرون من الاستثمار، ويضعون مدخراتهم في حالة “انتظار”. لكن الحقيقة أن السوق المصري، مثل كل الأسواق الصاعدة، مليء بفرص تحتاج فقط لعين خبيرة، وصبر طويل النفس.
• العقار مثلاً لا يزال منجماً للاستثمار، خاصة في المناطق التي تشهد نمواً عمرانياً حقيقياً.
• البورصة المصرية، رغم كل التقلبات، توفر فرصاً نادرة في شركات قوية لكن مقيمة بأقل من قيمتها الحقيقية.
• وحتى المشروعات الصغيرة، رغم الضغوط، قد تكون اليوم أقل تكلفة للانطلاق من الغد.
في النهاية، الاقتصاد ليس لعبة حظ، بل علم وفن. والفارق بين المستثمر الناجح والعادي، هو في كيفية التعامل مع الخوف. الخوف طبيعي، لكنه لا يجب أن يكون القائد. من يتحلى بالحكمة في أوقات الارتباك، هو من يملك القرار في أوقات الازدهار.
حين يخاف الجميع… اسأل نفسك: هل هذه بداية النهاية؟ أم بداية الفرصة