مقالات مقال رأي بقلم: د. محمد سيد أبونار

رؤية مصر 2030 وتحقيق التنمية المستدامة

أصبح مفهوم التنمية المستدامة محركا عالميا يوجه مستقبل الأمم الإقتصادي والإستراتيجي, فمن خلال أنماط الإستهلاك والإنتاج غير المسئول أصبح للإنسان تأثيرات ضارة بالبيئة. والتنمية المستدامة هي التنمية التي تأخذ بعين الإعتبار الأبعاد الإجتماعية والبيئية إلي جانب الأبعاد الإقتصادية لحسن إستغلال الموارد المتاحة لتلبية حاجات الأفراد مع الاحتفاظ بحق الأجيال القادمة حيث يواجه العالم خطورة التدهور البيئي الذي يجب التغلب عليه مع عدم التخلي عن حاجات التنمية الإقتصادية والمساواة والعدل الاجتماعي.

فالتنمية المستدامة هي التنمية التي تلبي احتياجات الحاضر دون المساس بقدرة الأجيال القادمة علي تلبية احتياجاتها الخاصة، وعلي الرغم من تعدد التعريفات الخاصة بمفهوم التنمية المستدامة، فقد جاء التعريف الاكثر اتفاقاً عليه بين الباحثين (والذي حاول الربط بين التنمية الاقتصادية من ناحية والتنمية الاجتماعية والبيئية من ناحية اخري)، وهو “التنمية التي تقابل احتياجات الجيل الحالي دون التضحية بقدرة الاجيال القادمة لمقابلة احتياجاتها”، وقد تم الإعلان عن أهداف التنمية المستدامة في العالم من خلال قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة تحت عنوان ” تحويل عالمنا , أجندة التنمية المستدامة 2030″ في سبتمبر عام  2015، والتي طالبت كل دولة بوضع خطة عمل لتحقيق التنمية المستدامة بها ضمن ما يسمي بالرؤية حتي 2030، والتي تمثل خطة عمل للأفراد والكوكب نحو الإزدهار وفقا لما ورد بالميثاق حيث بدأ التنفيذ الفعلي لهذه الأهداف في يناير 2016 وقد صممت الأهداف بشكل يتضمن التحديات الأقتصادية والاجتماعية والبيئية على نطاق واسع مع ترابطها في نفس الوقت والتي تشتمل علي 17 هدفا لمعالجة القضايا الحاسمة للجنس البشري على أن تتحقق الأهداف وغايتها بحلول عام 2030.

ورؤية مصر 2030 والتي تبنتها وزراة التخطيط وقد تم العمل بهذه الاستراتيجية بدءاً من يناير 2016، حيث تتضمن اثني عشر محوراً واهمها التنمية الاقتصادية والثقافية وكفاءة المؤسسات الحكومية ، والتي تسعي مصر من خلالها في تحقيق التنمية المستدامة حتي عام 2030، والتي تضافرت بها الجهود لذا فهناك جهود عالمية متضافرة وحيوية وعمل دؤوب من أجل تحقيق هذه الأهداف من قبل الدول والمؤسسات والمجتمعات، ولتحقيق التنمية المستدامة فإن لها ثلاثة ابعاد اساسية لا تتحقق التنمية بدونها، وهى:-

  • البعد الاقتصادي: وهو يعتمد بالاساس علي محاربة الفقر، (ويعتبر الشمول المالي والتحول الرقمي والتمويل المستدام احد الادوات الهامة لتحقيق التنمية الاقتصادية).
  • البعد الاجتماعي: المشاركة الفعالة للمراة والمساواة والتمكين لها، وتحسين التعليم والحوكمة الجيدة وكفاءة المؤسسات الحكومية والخاصة لمحاربة الفساد.
  • البعد البيئي: منع التدهور البيئي ونماذج التنمية غير المستدامة مثل إرتفاع متوسط درجات الحرارة وارتفاع مستوى سطح البحر وتلوث المحيطات مما قد يؤدي إلي زيادة تطور الأحداث المناخية، وبالتالي تؤثر على النظام الأيكولوجي والزراعة على وجه الخصوص مع إرتفاع مستويات الهجرة وزيادة مخاطر الأزمات الانسانية.

ويتم تحقيق التنمية المستدامة علي المستوي المحلي والوطني، إضافة للتنسيق علي المستوي الاقليمي والدولي، وكذلك الاقتصاد الاخضر والشمول المالي والتحول الرقمي وغيرهم من الاستراتيجيات الهامة نحو تحقيق التنمية المستدامة.

إن التنمية المستدامة التي قد تبلورت مع أهداف الالفية الجديدة من خلال سبعة عشر هدفاً، كالتالي:

وتعرف الإستدامة بأنها الحفاظ علي نوعية الحياة من خلال التأقلم مع البيئة عن طريق إستغلال والمحافظة علي الموارد الطبيعية لأطول مدى زمني للمحافظة علي إستمرار الحياة وتعاقب الأجيال وتطوير وسائلها مع مرور الزمن، وأحيانا يتم الخلط بين مفهومي الإستدامة والمسئولية المجتمعية في حين أن هناك تباين واضح بين المفهومين من حيث تعد المسئولية المجتمعية بمثابة المساهمة الأختيارية للمؤسسة في التنمية المجتمعية من خلال تنفيذ المشروعات والبرامج التنموية، حيث تعد المسئولية المجتمعية أحد المحاور الرئيسية نحو تحقيق الإستدامة,

مع الاخذ في الاعتبار الفوائد الكبيرة للتنمية المستدامة، والتي تتمثل في:-

1- تخفيض التكلفة المالية والإقتصادية طويلة الأجل للتدهور البيئي

2- تغير دور الشركات إلى أعضاء ملتزمين بيئيا بالمجتمع

3- تعزيز المساواة بين الجنسين وحقوق العمال وخلق فرص العمل

4- دعم ظهور اقتصاد دائري يعتمد علي إعادة التدوير واعادة الاستخدام

وفي النهاية، تعمل الحكومة المصرية علي تشجيع نظام اقتصادي مستدام، حيث أن هناك حراك واضح في هذا المجال لا يمكن اغفاله، ويجب ترصده وتنميته، من خلال كل الأطراف المعنية حتي الجهاز المصرفي من خلال ما يسمي سياسات التمويل المستدام.