الاقتصاد المصري على حافة تعويم جديد
مع اقتراب موعد المراجعة الأولى لصندوق النقد الدولي؛ للتأكد من قيام الحكومة المصرية بحزمة من الإصلاحات المالية والاقتصادية التي طلبها الصندوق في وقت سابق ، تدور عدة اجتماعات من قبل الوفد المصري ، برئاسة وزير المالية ووزيرة التعاون الدولي ومحافظ البنك المركزي المصري، وينضم إليهم وزيرة الخزانة الأمريكية، من أجل تبادل الرؤى بشأن زيادة القرض السابق تحديده بما يعادل 3 مليارات دولار أمريكي، والذي كان سيسدد على 46 شهرا.
وتأتي تلك الاجتماعات من أجل تهيئة الظروف التي تسمح للصندوق باتمام المراجعة الأولى، بعد ان تأخرت عدة مرات، منذ صرف الدفعة الأولى من الشريحة الأولى للقرض.
وعلى خلفية ذلك، تشهد الأوضاع الاقتصادية في مصر، حالة من القلق والتخوف الناتج عن احتمالية إصرار صندوق النقد الدولي على حَمل الحكومة المصرية والبنك المركزي على السير قدما في تبني سياسة الأسعار المرنة لسعر الصرف، خصوصا بعدما صدرت توقعات عن الصندوق تشير إلى وصول سعر صرف الجنيه المصري امام الدولار الأمريكي الى نحو 36.83 جنيه للدولار الواحد في الفترة من العام 2024 وحتى 2028.
وعلى الرغم من الميزات الكثيرة التي من المُمكن أن تعود على الاقتصاد، جراء تبني سياسة مرنة لسعر الصرف؛ والتي تتمثل في جاذبية الاستثمار في الجنيه المصري، من خلال جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة في ادوات الدين ، وزيادة قيمة الصادرات، نتيجة انخفاض قيمة الجنيه لدى المستوردين الأجانب، فضلا عن القضاء على السوق الموازية للصرف الأجنبي، والوصول إلى سعر موحد للدولار الأمريكي؛ إلا أن تلك الميزات لا يمكن تحقيقها ،بدون توافر ارصدة كافية من النقد الأجنبي، لتلبية طلبات المستوردين وطلبات السفر للعلاج او التعليم او اي طلبات مشروعة للمواطنين، والتي تتطلب تدبير عملة اجنبية عن طريق الجهاز المصرفي الرسمي.
والحقيقة، ان تعويم العملة المحلية امام الدولار الأمريكي، لابد من توفير ما يعادل 10 مليارات في المتوسط لدى الجهاز المصرفي المصري، من أجل تلبية طلبات الحصول على العملة من الجهاز المصرفي الرسمي، والذي سيؤدي الى توجيه ضربة قاصمة للسوق الموازية للصرف الأجنبي، والوصول إلى سعر صرف موحد للدولار الأمريكي، وهذا هو الهدف الأسمى الذي تسعى الحكومة إلى تحقيقه، وفقا لتصريحات دولة رئيس مجلس الوزراء منذ ايام.
على جانب اخر، اذا ما تم تخفيض العملة المحلية امام الدولار الأمريكي، بدون وجود احتياطي كافي لحماية العملة المحلية؛ فسوف تشهد الساحة الاقتصادية المزيد من التداعيات السلبية ،نتيجة إرتفاع متصاعد في اسعار السلع والخدمات بشكل جنوني، والذي سيدفع معدلات التضخم المرتفعة، إلى المزيد من الارتفاع ، في ظل وجود انخفاض ملحوظ في معدلات التضخم بنهاية ديسمبر الماضي، والتي انخفضت لتسجل 34.2٪.
وربما تُراهن الحكومة على تنفيذ حزمة من الطروحات الحكومية خلال الفترة القليلة القادمة، والتي تم تقديرها بما يجاوز 100 مليار دولار ،فضلا عن تحسين فرص الصادرات وتدفق المزيد من الاسنثمارات الأجنبية المباشرة ، خصوصا بعد الحصول على الدفعة الثانية من الشريحة الأولى لقرص الصندوق، والذي سيُعتبر شهادة ثقة للاقتصاد المصري، لتدفق المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة وبشكل خاص الاستثمارات الخليجية.