مقالات مقال رأي بقلم: د. رمزي الجرم

الآثار الاقتصادية لطرح شهادات إيداع بعائد 23.5% و27%

لا شك أن إستحقاق شهادات الإيداع ذات العائد المرتفع، والتي تم اصدارها منذ عام مضى، والتي كانت تُدر إحداهما عائد دائن شهري 22.5% لمدة عام والأخرى، كانت تُدر عائد دائن بمعدل 25% يصرف بنهاية أجل الشهادة لمدة عام هي الأخرى، سوف تدفع بكتلة نقدية تقدر بنحو 500 مليار جنيه او اقل قليلا، وهي القيمة التي تم جمعها عند طرح الشهادتين في 4 يناير 2023 ، وتوقف إصدارها بنهاية نفس الشهر من نفس العام المذكور، لو لم يتم تدارك الأمر ، وإطلاق منتجات مصرفية بعائد مرتفع، حتى يستوعب الكتلة النقدية التي تنتج عن انتهاء آجال إستحقاق تلك الشهادات.
وعلى إثر ذلك، قام بنكي الأهلي ومصر ، بطرح شهادة إيداع بعائد 23.5% بعائد شهري لمدة عام واحد، وشهادة أخرى بعائد 27% تستحق هي الأخرى بعد عام من تاريخ اصدارها ،يصرف العائد في نهاية إستحقاق الشهادة مرة واحدة ،من أجل احتواء واستيعاب السيولة التي قد تنتج عن انتهاء آجال الشهادتين السابق إصدارهما منذ عام مضى، على خلفية ان تسرب تلك السيولة إلى الأسواق، من شأنها زيادة وتيرة معدلات التضخم المرتفعة أصلاً، والذي قد ينذر بأزمة جديدة. أشد حدة ،خصوصا في ظل التوترات الجيوسياسية الحادثة في قطاع غزة ومشكلة مرور السفن في البحر الاحمر ، وما قد ينتج عن تلك التوترات من ارتفاع أسعار السلع والخدمات نتيجة زيادة تكاليف النقل والشحن والتأمين للسفن التي تحمل السلع،خصوصا النفط والحبوب الاساسية، والتي تدفع معدلات التضخم إلى الارتفاع.
إلا أنه على إثر تلك التطورات، ربما نشهد أنماط مُتعددة من سلوك بعض الأفراد ، نحو اتخاذ ممارسات غير سليمة ، لإعتقادهم بأن تلك الأمور قد تقود الى صدور قرارات متعلقة بتعويم جديد للعملة المحلية امام الدولار الأمريكي، وبما قد يؤدي إلى قيام كثير من التجار بتخزين السلع التي بحوزتهم، انتظارا لارتفاع اسعارها في المستقبل القريب، أو حتى أحجام أصحاب العقارات والأصول المالية عن عرض ممتلكاتهم للبيع ،انتظارا لتطورات أخرى، وهذا من شانه ان يخلق ازمة أخرى جديدة، تتزامن مع الأزمة الحالية ،وتؤدي إلى تداعيات سلبية كبيرة وغير محسوبة، يتحمل تبعاتها المواطنين.
إلا أنه من الملائم خلال الفترة القليلة القادمة، عدم تبني المركزي المصري لأي قرار جديد بخصوص تعويم للعملة المحلية امام الدولار الأمريكي، طالما لا يوجد لدى المركزي احتياطيات قوية من النقد الأجنبي ، يستطيع من خلالها الدفاع عن العملة المحلية في سوق الصرف الأجنبي، إذا ما علمنا ان قرار التعويم الاخير، لم يزد الأمر إلى سوءاً، نتيجة قيام أباطرة السوق السوداء للنقد الأجنبي، برفع الأسعار لمستويات غير مسبوقة، حتى أصبح سعر الصرف الرسمي ليس له أي اهمية تُذكر ،سوى انه شجع المُضاربين على رفع اسعار العملات الأجنبية المختلفة في السوق الموازية بقيم مرتفعة ،بالاضافة الى ان التعويم الاخير، لم ينتج عنه انعكاسات إيجابية، في شان جذب الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة في ادوات الدين الحكومية.