مقالات مقال رأي بقلم: د. رمزي الجرم

الآثار الاقتصادية لتبني تقنية الشرائح الهاتفية الخضراء

من الملاحظ أن التطورات الحادثة على المشهد العالمي والتي تتجه بشكل سريع نحو الاتجاه إلى تبني آليات الاقتصاد الأخضر، بفعل زيادة الانبعاثات الكربونية وزيادة مستوى الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي وانتشار ظاهرة الاحتباس الحراري والتي كانت وراء إرتفاع درجة حرارة الارض إلى مستويات قياسية وتحول أجزاء واسعة وشاسعة من الارض إلى مناطق غير صالحة للعيش؛ وعلى إثر ذلك، بدأ المنتجين والمصنعيين في كثير من دول العالم؛ نحو إتخاذ تدابير حقيقية من أجل تقليل البصمة الكربونية منتجاتهم ، من أجل المساهمة في بناء عالم اكثر استدامة من منطلق المسئولية البيئية.

علاوة على ذلك، بدا الاتجاه ينطلق من قبل كافة المصنعيين ،حتى وإن صغر حجم المنتج النهائي ، فنجد إن شرائح SIM الخاصة بخصوص الهاتف ، والتي تعتبر هي الأخرى مصدراً رئيسياً للانبعاثات الكربونية في العالم ،حيث ينبعث منها ما يعادل 229 جراماً من ثاني أكسيد الكربون في جميع مراحل دورة الانتاج وحتى عملية النقل والتوزيع وحتى نهاية عمرها الافتراضي، حيث تُشير الاحصائيات ان العالم قد شهد في العام 2022، شحن ما يعادل 4.45 مليار شريحة، والذي يشير إلى أن تلك الشرائح كانت مسئولة عن أكثر من مليون طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.

وحتى بعد اتجاه المصنعيين نحو إنتاج شرائح الهاتف من خلال تقنية eSMI ، على اساس انها تساهم في تخفيض الانبعاثات الكربونية بما يعادل 46٪ مقارنةً بشرائح SIM التقليدية، من حيث أنها تتطلب كمية أقل من البلاستيك ومواد التغليف، الا ان تقنية ESIM لم تكن كافية ،حيث لم تحقق الانتشار المطلوب، مما دفع شركات الاتصالات للبحث عن حل جديد، من خلال اللجوء الى تقنية شرائح SIM الخضراء الصديقة للبيئة.

ومن الجدير بالذكر ، ان شرائح الهاتف SIM الخضراء، يتم إنتاجها من خلال مواد مُعاد تدويرها وتستهلك كمية أقل من البلاستيك والاوراق، مما يمنحها بصمة كربونية أقل ،وفي نفس الوقت لا يؤثر على جودة ونوعية الإرسال بها ،كما ان تلك الشرائح قادرة على دعم أحدث معايير الاتصالات في العالم، كما إنها أصغر في الحجم بالمقارنة بالشرائح التقليدية، والذي يترتب عليه تقليل كمية البلاستيك المُستخدم بمعدل يتراوح ما بين 50٪ الى 75٪، فصلا عن انه يوفر اطنان من النفايات الضارة جدا ، مما يترتب عليه تخفيض البصمة الكربونية.

إلا ان الاتجاه نحو تقنية الشرائح الهاتفية الخضراء، سوف يكون له انعكاسات اقتصادية على مستوى الشركات المُصنعة، وعلى مستوى الاقتصاد المحلي لتلك الصناعات، فضلا عن انه يساير الاتجاهات العالمية نحو ضرورة تخفيض الانبعاثات الكربونية بكافة الطرق والوسائل ، بعدما ظهر جليا للعالم باكمله ،للآثار السلبية والكارثية التي نتجت عن ظاهرة الاحتباس الحراري وارتفاع درجة حرارة الارض وظهور ظاهرة التَصحر وغيرها من الظواهر البيئية الضارة على الاقتصاد العالمي، في ظل استخدام الشرائح الهاتفية الخضراء لمواد خام وسلع وسيطة اقل في كافة مراحل التصنيع المختلفة وتقليل التكاليف اللوجستية، من حيث سهولة النقل، من خلال الاقتصاد في تكلفة نقل الشرائح الخضراء نظرا لصغر حجمها ،بالاضافة الى أنها توفر ما بين 25٪ الى 35٪ من الانبعاثات الكربونية، بالمقارنة بالشرائح التقليدية.

والحقيقة أن كافة الاقتصادات العالمية على اختلاف ايديولوجيتها الاقتصادية والسياسية،بدأت تتبنى في منتجاتها على توافر العناصر الخضراء ، وبما ستكون اساسا راسخاً في عملية المنافسة، وبما يشير إلى أن الاقتصادات التي لا تتبنى في إنتاج سلعها على المواد الخام والسلع الوسيطة الخضراء، سوف لا يكون عليها طلب عالمي ، مما سيؤثر بالسلب على بيع تلك المنتجات، وفي المقابل؛ سوف يستفيد المنتجين والمصنعيين من الاعتماد في إنتاج سلعهم على العناصر الخضراء صديقة البيئة، ومن ثم الاقتصاد المحلي من خلال تصدير كميات كبيرة من السلع المنتجة إلى بلدان أخرى، وجلب عملات اجنبية بشكل اكبر، مما يدعم ميزان المدفوعات وارصدة الاحتياطات الدولية لدي البنك المركزي، ويُحسن المؤشرات الكلية للاقتصاد الوطني بشكل أفضل، بالاضافة الى المساهمة في الحفاظ على البيئة، والتي لها انعكاسات إيجابية على الاقتصاد العالمي.