ماذا ينتظر “حسن عبدالله” في ولايته الرابعة مع البنك المركزي المصري؟

يبدأ حسن عبدالله محافظ البنك المركزي المصري، ولاية جديدة في مهمة قيادة السياسة النقدية في مصر.
وذلك وفقًا للقرار الجمهوري الصادر عن الرئيس عبد الفتاح السيسي، بتجديد تكليف حسن عبد الله قائمًا بأعمال محافظ البنك المركزي المصري.
وذلك لمدة عام إضافي، تبدأ اعتبارًا من 18 أغسطس 2025.
ويواصل “عبدالله” مهمته للعام الرابع على التوالي منذ توليه المنصب في أغسطس 2022، خلفًا للمحافظ السابق طارق عامر.
وتبدو التحديات كبيرة لكن الفرص واعدة أيضًا ، خاصة في ظل استقرار الأسواق وعودة الثقة المحلية والدولية في الاقتصاد المصري.
كما تمثل هذه المرحلة إعادة إطلاق جديدة للاقتصاد المصري على أسس أكثر توازنًا واستدامة.
وهو التحدي الأكبر أمام “حسن عبدالله”، إذا ما استطاع البنك المركزي المضي قدمًا في تنفيذ الإصلاحات.
والحفاظ على الاستقرار النقدي، وتمكين القطاع الخاص.
حيث قطع عبد الله شوطًا مهمًا في تنفيذ إصلاحات نقدية عميقة ساهمت في تحقيق استقرار نسبي بعد سنوات من التحديات.
أبرزها أزمة شح النقد الأجنبي، واتساع الفجوة الدولارية، وتصاعد معدلات التضخم إلى مستويات غير مسبوقة.
تحول مسار السياسة النقدية على مدار 3 سنوات
منذ تولي حسن عبد الله منصبه، واجه البنك المركزي واقعًا اقتصاديًا شديد التعقيد.
مما تطلب تدخلًا مباشرًا من خلال حزمة إجراءات قوية، كان أبرزها قرار تحرير سعر الصرف بالكامل في مارس 2024.
وهو القرار الذي كان بمثابة نقطة تحول جذرية في مسار السياسة النقدية في مصر.
ففي 6 مارس 2024، أطلق البنك المركزي إصلاحات مالية ونقدية حاسمة .
حيث شملت تحرير الجنيه المصري وترك تحديد قيمته لقوى العرض والطلب.
كما تم فع أسعار الفائدة إلى مستويات غير مسبوقة بهدف احتواء التضخم.
وكذلك اتخاذ إجراءات لتجفيف السيولة الزائدة في السوق.
وقد أثمرت هذه الإجراءات عن نتائج ملموسة تمثلت في القضاء على السوق الموازية للعملة الأجنبية.
كما تم توحيد سعر الصرف وعودة الدولار إلى القنوات الرسمية، وانخفاض تدريجي في معدلات التضخم.
بالإضافة إلى تحسن صافي الأصول الأجنبية للقطاع المصرفي وتحول العجز إلى فائض، وتحقيق نموًا قياسيًا في احتياطي النقد الأجنبي.
خفض أسعار الفائدة
ومع استقرار أغلب المؤشرات، بدأ البنك المركزي مؤخرًا في تخفيف القيود النقدية تدريجيًا.
وذلك عبر خفض أسعار الفائدة في شهري أبريل ومايو الماضيين بإجمالي 325 نقطة أساس.
لتصل الفائدة حاليًا إلى 24% للإيداع و25% للإقراض.
كما تأتي هذه السياسة الجديدة استجابةً لمطالب الأسواق والمستثمرين.
حيث تسعى الدولة لخفض تكلفة التمويل وتحفيز النمو الاقتصادي، خاصة في قطاعات الصناعة والإنتاج.
وذلك بعد سنوات من التشديد النقدي لاحتواء الضغوط التضخمية.
5 ملفات رئيسية في الولاية الرابعة لـ”حسن عبدالله”
ويواجه حسن عبد الله خمسة ملفات رئيسية ستحدد مسار الاقتصاد المصري في المرحلة المقبلة وتتمثل في الآتي
استمرار تطبيق سعر صرف مرن
التزم البنك المركزي بسياسة سعر الصرف المرن، دون تدخل مباشر في تحديد قيمة الجنيه.
وذلك بما يتماشى مع اشتراطات صندوق النقد الدولي، الذي يدعم برنامج الإصلاح الاقتصادي المصري بقرض يبلغ 8 مليارات دولار.
كما ساهم تحرير سعر الصرف في عودة الثقة للأسواق، وإنهاء ظاهرة الدولرة، وتوفير العملة الأجنبية للمستوردين.
وسجل الجنيه مؤخرًا تحسنًا طفيفًا، غم تذبذبه بعد التعويم .
حيث بلغ سعر الدولار 48.28 جنيهًا للشراء و48.38 جنيهًا للبيع، بعد أن لامس مستويات أعلى في أبريل الماضي.
المراجعتين الخامسة والسادسة مع صندوق النقد
وينتظر البنك المركزي المصري استكمال المراجعتين الخامسة والسادسة من قرض صندوق النقد الدولي.
والذي تم رفعه من 3 مليارات إلى 8 مليارات دولار، صرف منها حتى الآن 3.3 مليار دولار.
ويشترط الصندوق لصرف الشريحة القادمة، البالغة 1.2 مليار دولار، تنفيذ حزمة من الإصلاحات الهيكلية المتفق عليها.
أبرزها تخارج الدولة من عدد من الأصول والمشروعات، وتعزيز دور القطاع الخاص في الاقتصاد.
إلى جانب إعادة هيكلة دعم الطاقة، وخفض تدخل الدولة في الأسواق.
كبح التضخم وتحقيق المستهدفات
وبدأت المؤشرات بالتراجع التدريجي، ليسجل 13.9% في يوليو 2025 مقابل 14.9% في يونيو السابق له.
وذلك بعد أن بلغ التضخم السنوي في المدن المصرية ذروته عند 38% في سبتمبر 2023.
خفض الفائدة لدفع عجلة الاستثمار
ومع بدء دورة التيسير النقدي، تترقب الأسواق المحلية والعالمية قرارات لجنة السياسة النقدية.
حيث من المنتظر أن تجتمع الخميس المقبل لتحديد الخطوة التالية بشأن أسعار الفائدة.
كما تطالب قطاعات الإنتاج والاستثمار بمزيد من التيسير لتقليل تكلفة التمويل، ودعم نمو الناتج المحلي.
وتقليل أعباء خدمة الدين العام التي ارتفعت خلال فترة الفائدة المرتفعة.
تعزيز احتياطي النقد الأجنبي
وقد بلغ احتياطي مصر من النقد الأجنبي أعلى مستوى في تاريخ البلاد عند 49 مليار دولار بنهاية يوليو 2025.
وذلك مدفوعًا بعدة عوامل أبرزها صفقة رأس الحكمة مع الجانب الإمارات بقيمة 35 مليار دولار.
حيث تم ضخ منها 15 مليار دولار من قيمة الصفقة لدعم الاحتياطي.
كما تحسن ميزان المدفوعات بعد تحرير سعر الصرف.
وكذلك تسوية العجز في صافي الأصول الأجنبية بالبنوك، الذي تحوّل إلى فائض قدره 14.94 مليار دولار بنهاية يونيو 2025.
وذلك بعد أن كان يسجل عجزًا تجاوز 29 مليار دولار في يناير 2024.
مستقبل الاقتصاد رهن الاستقرار النقدي
وتترقب الأوساط الاقتصادية والمالية المحلية والدولية خطوات البنك المركزي خلال الفترة المقبلة.
وذلك مع دخول حسن عبد الله عامه الرابع على رأس المؤسسة النقدية الأهم في البلاد.
خاصة مع تحسن المؤشرات الكلية وتوافر فرصة نادرة للبناء على الإصلاحات التي تم تنفيذها منذ مارس 2024.
كما أن الرهان الأساسي يبقى على قدرة المركزي في تحقيق توازن حقيقي بين خفض التضخم، وتيسير التمويل، ودعم القطاع الخاص.
واستمرار تدفق الاستثمارات الأجنبية، في ظل التزامات دولية واضحة، وتحديات داخلية لا تزال قائمة.
من هو حسن عبد الله؟
يمتلك حسن عبد الله مسيرة مصرفية تمتد لأكثر من 40 عامًا، بدأت في البنك العربي الأفريقي الدولي.
حيث شغل عدة مناصب قيادية حتى أصبح رئيسًا تنفيذيًا للبنك لمدة 16 عامًا، قبل مغادرته المنصب في عام 2018.
وتولى عبد الله رئاسة مجلس إدارة الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، عام 2021، حتى صدر قرار جمهوري في أغسطس 2022 بتكليفه قائماً بأعمال محافظ البنك المركزي.
كما يعتبر “عبدالله” شخصية تنفيذية ذات خبرة طويلة في إدارة الأزمات المالية والاقتصادية.
خاصة في أوقات التغيرات الهيكلية الحادة، وهو ما ظهر جليًا خلال قيادته لمسار تحرير العملة وإعادة هيكلة السياسة النقدية خلال السنوات الثلاث الماضية.
مواضيع متعلقة
- “فرصة” و”OPPO مصر” تطلقان أول شراكة لخدمات “اشترِ الآن وادفع لاحقًا”
- “بنك مصر” يعقد شراكة استراتيجية مع “منصة مصر العقارية” لتقديم حلول تمويلية مبتكرة
- بنك التعمير والإسكان يحقق أرباحا قياسية بنمو 73.1% خلال النصف الأول من 2025
- مفاجآت كروية كوميدية في مسلسل “أحمد فهمي” الجديد “ابن النادي”.. ما دور “إبراهيم فايق”؟