من ضمنها مصر والهند والبرازيل ..
الحزام الصناعي الجديد في الأسواق الناشئة يتجه لتجاوز كبرى اقتصادات العالم في سباق الصناعة النظيفة

تصدرت الصين مجال تطوير الصناعة النظيفة، بعدما استحوذت على ربع الاستثمارات البالغة 250 مليار دولار في المصانع النظيفة حتى الآن، تلتها الولايات المتحدة بنسبة 22%، ثم الاتحاد الأوروبي بنسبة 14%.
غير أن مجموعة من الأسواق الناشئة مثل الهند و مصر و البرازيل، والتي تعد جزءاً من الحزام الصناعي الجديد في الأسواق الناشئة، بدأت تقترب سريعاً من الدول التي تمتلك قواعد صناعية راسخة، وفقاً لبيانات جديدة صادرة عن أداة تتبع المشاريع العالمية والتقرير المصاحب لها الصادر اليوم عن ائتلاف المهمة الممكنة “ميشن بوسيبل”.
قد تتجاوز قريباً مجموعة من الدول الصاعدة صناعياً ما يعرف بـ “الدول الصناعية الثلاث الكبرى ” في هذا المجال، إذ استفادت من ظروف مواتية لقطاع إنتاج الطاقة المتجددة واكتسبت زخماً متزايداً في قطاعات تتصدر الثورة الصناعية النظيفة الجديدة.
وأشار هذا التحول إلى احتمال إعادة رسم ملامح المشهد الصناعي العالمي، مع انتقال إنتاج المواد والكيماويات والوقود عبر مناطق جغرافية متنوعة ونشوء ممرات تجارية جديدة.
وشكل الحزام الصناعي الجديد في الأسواق الناشئة، الذي يمتد عبر أفريقيا وآسيا وأمريكا الجنوبية، جوهر هذا التحول، حيث تم استثمار الموارد الطبيعية الوفيرة في توليد الطاقة الشمسية، بالإضافة إلى توفر سياسات داعمة ومزايا التكلفة التنافسية لتقدم بيئة مثالية تدعم نشوء عمليات صناعية جديدة.
وحصدت دول الحزام الصناعي الجديد، مثل إندونيسيا والمغرب 20% من الاستثمارات في المصانع الصناعية النظيفة حتى الآن، إلا أن فرصاً استثمارية بقيمة 948 مليار دولار ما تزال متاحة في المشاريع المعلنة في هذا المجال، وخصوصاً في ظل تنامي اهتمام الاقتصادات الزراعية بالحصول على أمونيا نظيفة منخفضة التكلفة تستخدم في صناعة الأسمدة، بوصفها فرصة اقتصادية وأداةً لتعزيز الأمن الغذائي.
وكشف التقرير الجديد بعنوان “الصناعة النظيفة: توجهات تحولية”، الصادر عن ائتلاف المهمة الممكنة “ميشن بوسيبل” وبدعم من مسرع الانتقال الصناعي، وهما ائتلافان عالميان معنيان بتعزيز التحول نحو الصناعة النظيفة، عن وجود مشاريع معلنة بقيمة 1.6تريليون دولار في مختلف أنحاء العالم لم تحصل بعد على التمويل اللازم. واستحوذت دول الحزام الصناعي الجديد على نسبة 59% من هذه الاستثمارات، مقارنة بنسبة 18% للولايات المتحدة، و10% للاتحاد الأوروبي، و6% فقط للصين[1]. وتغطي هذه المشاريع قطاعات محورية، تشمل الألمنيوم والكيماويات والإسمنت والطيران والصلب.
وسجلت أداة تتبع المشاريع العالمية التابعة لائتلاف المهمة الممكنة “ميشن بوسيبل” رقماً قياسياً بلغ 826 منشأة صناعية نظيفة قادرة على الإنتاج على نطاق واسع في 69 دولة. وأكد النمو المسجل في النسخة الثالثة من هذه الأداة أن الشركات في جميع أنحاء العالم تواصل الاستفادة من مشاريع الصناعة النظيفة واستكشاف الأسواق الناشئة، على الرغم من استمرار حالة عدم اليقين الجيوسياسية والاقتصادية.
وأشارت البيانات أنه من إجمالي عدد المشاريع، هناك 69 مشروعاً دخل حيز التشغيل، و65 مشروعاً حصل على التمويل، بينما وصل 8 مشاريع فقط إلى قرار الاستثمار النهائي خلال الأشهر الستة الماضية. أما المشاريع المتبقية، وعددها 692، فقد تم الإعلان عنها لكنها لم تحصل بعد على التمويل اللازم.
وأعلنت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عن مشاريع تمثل استثمارات بقيمة 450 مليار دولار، رغم احتدام المنافسة واستمرار التحديات الاقتصادية والسياسية. وتحظى هذه الدول، في الوقت بفرصة كبيرة لتحسين بيئة الاستثمار، وإلا فإنها قد تتأخر عن الركب، حيث ازدهرت الاستثمارات في المناطق التي دعمت فيها الحكومات المشاريع من خلال سياسات مستقرة، وإجراءات تعزز الطلب، وتمويل عام استراتيجي، وتكاليف رأسمالية أقل على المستوى الإقليمي.
وسجل قطاعا الأمونيا الصديقة للبيئة ووقود الطيران المستدام أسرع معدلات النمو ضمن الصناعات النظيفة، حيث بلغ عدد مصانع الأمونيا الصديقة للبيئة التي وصلت إلى قرار الاستثمار قرار الاستثمار النهائي 28 مصنعاً، إضافة إلى الإعلان عن 344 مشروعاً. أما وقود الطيران المستدام، فقد دخل 22 مصنعاً حيز التشغيل، ووصلت 7 مصانع إلى قرار الاستثمار النهائي، في حين تم الإعلان عن 144 مشروعاً جديداً. وقدم القطاعان مبررات تجارية قوية، إذ تمثل الأمونيا الصديقة للبيئة حلاً جاهزاً لقطاع الأسمدة الذي يتمتع بسوق قائمة واسعة النطاق، بينما يستفيد وقود الطيران المستدام من أطر تنظيميةقوية وسياسات داعمة، إلى جانب الطلب المستمر على السفر الجوي.
وقالت السيدة فوستين ديلاسال، الرئيس التنفيذي لائتلاف المهمة الممكنة “ميشن بوسيبل” والمديرة التنفيذية لمسرع الانتقال الصناعي: “تمركزت الصناعات في الماضي حول مناجم الفحم التي وفرت لها الطاقة، وكذلك تتجه مصانع الجيل الجديد، التي تتطلب كميات كبيرة من الطاقة، إلى مناطق تتيح لها الوصول إلى كهرباء نظيفة وموثوقة ومنخفضة التكلفة، بهدف إنتاج المواد والكيماويات والوقود. ولن تحافظ المراكز الصناعية التقليدية على مكانتها ما لم تتصرف بذكاءوتبادر إلى التعاون. وترصد أداة تتبع المشاريع العالمية التابعة لائتلاف المهمة الممكنة تحولاً فعلياً في خريطة الصناعة العالمية، حيث يتهيأ الحزام الصناعي الجديد في الأسواق الناشئة لتجاوز الدول الغربية في قطاعات مثل الأمونيا، وهو تحول يحمل تأثيرات واسعة على الاقتصاد العالمي”.
ومن جهتها، قالت كريستيانا فيغيريس، المؤسسة المشاركة لمبادرة “جلوبال أوبتيميزم”: “تظهر أداة تتبع المشاريع العالمية التابعة لائتلاف المهمة الممكنة بداية تشكل ثورة صناعية جديدة. وما يثير الاهتمام هو أن الاقتصادات النامية تمتلك فرصة هائلة لتجاوز استخدام الوقود الأحفوري في قطاعات الصناعة الثقيلة والنقل، وبناء بنية تحتية تتيح لها تحقيق نمو اقتصادي مستدام في القرن الحادي والعشرين. ونحن نحتاج الآن إلى إطلاق الإمكانات الكاملة لهذه الثورة الصناعية الصديقة للبيئة، وتسريع العمل على المشاريع القائمة بمعدلات غير مسبوقة”.
وعلق دان يوشبي، ممثل رفيع المستوى في مؤتمر الأطراف COP30 “كرجل أعمال، أدرك تمامًا أن إعلان الشركات حول العالم عن خطط لاعتماد عمليات صناعية مستدامة لم يأتِ من فراغ. فبيانات “متتبع المشاريع العالمية” تعكس بوضوح مدى الطموح المؤسسي والحس الريادي المرتفع، وتُظهر أن هذا التحول نحو الاستدامة يُنظر إليه كعنصر جوهري في استراتيجيات خلق القيمة طويلة الأجل. ومن الجليّ كذلك أن دول الجنوب العالمي تتجه لتعظيم إنتاجها من الطاقة المتجددة ذات القدرة التنافسية، ما يتيح فرصة لتعزيز سلاسل القيمة المحلية والمساهمة في التنمية الاجتماعية والاقتصادية. المرحلة المقبلة تتطلب منا بذل جهد مكثّف لترجمة هذا التوجه إلى خطوات عملية ملموسة وتسريع الحلول على أرض الواقع، من خلال توفير البيئة المناسبة لدفع عجلة هذا التحول.”
الأمونيا الصديقة للبيئة تقود إعادة التموضع الصناعي باعتبارها مكوناً أساسياً في صناعة الأسمدة
تظهر التحليلات أن دول الحزام الصناعي الجديد في الأسواق الناشئة تستضيف أكثر من 75% من منشآت إنتاج الأمونيا الصديقة للبيئة المخططة عالمياً، سواء تلك التي وصلت إلى قرار الاستثمار المالي أو التي تم الإعلان عنها. وإلى جانب استخدامها في الزراعة، يتم استخدام الأمونيا النظيفة أيضاً في صناعة المتفجرات، كما تعد من أبرز الخيارات المطروحة كوقود نظيف للنقل البحري. وتشير التوقعات إلى أن انخفاض تكاليف الكهرباء وأجهزة التحليل الكهربائي[2] في الأسواق الناشئة ضمن الحزام الصناعي الجديد سيسمح للعديد من الدول بخفض تكلفة إنتاج الأمونيا الرمادية المعتمدة على الوقود الأحفوري بحلول عام 2035. ومن المتوقع كذلك أن يصل سعر الأمونيا الصديقة للبيئة التي يتم إنتاجها في هذا الحزام إلى نصف تكلفة إنتاجها في أوروبا الغربية أو الولايات المتحدة، مما يبرز أهمية الوصول إلى طاقة متجددة منخفضة التكلفة.
وقد تساهم القدرة الإنتاجية الإجمالية للأمونيا الصديقة للبيئة، سواء في المشاريع التي وصلت إلى قرار الاستثمار المالي أو التي تم الإعلان عنها، في دول الحزام الصناعي الجديد الرائدة، بدور كبير في دعم سلاسل الإمداد العالمية:
- الهند – 8%: تكفي لتسميد مساحة تقترب من ثلاثة أرباع أراضيها
- مصر – 7%: تكفي لتسميد مساحة تعادل ضعف مساحة الدولة
- عُمان وموريتانيا وتشيلي – 6% لكل منها: تكفي لتسميد مساحة تعادل ستة أضعاف مساحة سلطنة عُمان
ويمثل هذا التحول فرصة ثمينة للاقتصادات ذات الدخل المنخفض والمتوسط لتجاوز نماذج التنمية المعتمدة مستويات مرتفعة من الانبعاثات الكربونية، والوصول إلى أسواق تصديرية جديدة، واكتساب ميزة تنافسية في جذب صناعات تولد قيمة مضافة. ويسهم بناء قواعد صناعية محلية صديقة للبيئة في دفع عجلة النمو الاقتصادي المستدام، وتوفير فرص عمل، وتعزيز الأمن على مستوى الغذاء والطاقة، وتمكين هذه الدول من تأدية دور مؤثر في أسواق السلع النظيفة مستقبلاً.
الطموح المؤسسي يتخطى وتيرة الطموح الحكومي
حافظت وتيرة الإعلان عن مشاريع صناعية نظيفة جديدة على المستوى التجاري على قوتها، إلا أن التقرير يسلط الضوء على عنق زجاجة مستمر، يتمثل في بطء الانتقال من مرحلة الإعلان إلى اتخاذ قرار الاستثمار المالي. وإذا استمرت معدلات التحول على ما كانت عليه خلال الأشهر الستة الماضية، فقد يستغرق بدء تنفيذ جميع المشاريع المعلنة نحو أربعين عاماً. ويتطلب تفعيل هذا الخط الكامل من المشاريع زيادة الاستثمار بمقدار خمسة أضعاف، إلى جانب تحرك منسق من قبل الحكومات والمؤسسات المالية ووجهات الشراء من الشركات.وتستطيع الحكومات، على وجه الخصوص، أن ترسخ ريادتها الصناعية من خلال تسريع تمويل المشاريع عن طريق سياسات مصممة لتناسب مواردها وظروفها الاقتصادية.
وسلط تحليل إضافي أجراه ائتلاف المهمة الممكنة “ميشن بوسيبل” ومسرع الانتقال الصناعي الضوء على مجموعة من الخطوات التي يمكن للحكومات اتخاذها، مثل برامج معايير الوقود، وتسعير الكربون، وإنشاء كيانات وسيطة مدعومة من الدولة، بهدف تمكين القطاع الصناعي المحلي ومساعدة الدول على اغتنام جزء من هذه الفرص الاقتصادية المتنامية. ويعرض دليل سياسات تحفيز الطلب الأخضرالصادر عن مسرع الانتقال الصناعي مجموعة من السياسات المبنية على الأدلة، التي تتيح للحكومات تعزيز الاستثمار في الصناعات الصديقة للبيئة. كما يوفر أدوات المشتريات الخضراءأدوات ونصائح موجهة للشركات الراغبة في الاستثمار في منتجات وخدمات صناعية نظيفة.
مواضيع متعلقة
- تراجع أسعار الذهب في مصر اليوم الجمعة 20 يونيو 2025
- أسعار العملات والدولار اليوم الثلاثاء 27 مايو 2025
- ارتفاع أسعار الذهب في مصر اليوم الجمعة 30 مايو 2025
- وزير التموين: توريد 3.5 مليون طن قمح محلي حتى الآن