منوعات

التجارة غير المشروعة خطر يهدد الاقتصاد ويدمر الصحة العامة عالميا

عمر عبدالعزيزالإثنين 5 مايو 2025

تشكل التجارة غير المشروعة تحدي عالمي متنامي يتجاوز تأثيره السلبي حدود الاقتصاد ليطال الصحة العامة بشكل مباشر.

فهذه الظاهرة لا تقتصر على تقويض الإيرادات الحكومية فحسب.

بل تمتد لتصبح رافداً رئيسياً للأنشطة الإجرامية المنظمة.

وباباً واسعاً يعرض المستهلكين حول العالم لمخاطر صحية جسيمة قد تهدد حياتهم.

وتتنوع أشكال هذه التجارة من السجائر المهربة إلى الأدوية المزيفة والمنتجات الاستهلاكية المقلدة.

مما يسهم في تفاقم الأضرار الصحية والاقتصادية على المستويين المحلي والعالمي.

هذا الوضع المتفاقم يستدعي تدخلاً حاسم وتنسيق دولي لمواجهة هذه الظاهرة التي تهدد أمن واستقرار المجتمعات.

يبرز قطاع التبغ كأحد أكثر القطاعات تضرر من التجارة غير المشروعة.

حيث تصنع السجائر المهربة في بيئات تفتقر تماماً للرقابة الصحية والمعايير السلامة الضرورية.

هذا الوضع يؤدي إلى احتواء هذه المنتجات على مواد سامة بتركيزات تتجاوز بكثير الحدود المسموح بها دولياً.

وقد كشفت الدراسات العلمية الحديثة أن العديد من منتجات التبغ غير المشروعة تحتوي على نسب مرتفعة بشكل خطير من القطران.

والمعادن الثقيلة، والمبيدات الحشرية.

مما يضاعف احتمالية إصابة مستهلكيها بأمراض القلب والجهاز التنفسي.

ويفاقم المشكلات الصحية المرتبطة أصلاً بالتدخين.

التأثير الاقتصادي

تتسبب التجارة غير المشروعة في خسائر ضريبية فادحة للحكومات حول العالم.

مما ينعكس سلبا على قدرتها في تمويل الخدمات الأساسية الحيوية.

خاصة في قطاعي الرعاية الصحية والتعليم. هذه الخسائر تمثل عقبة حقيقية أمام جهود التنمية المستدامة في العديد من البلدان.

ويشير الدكتور كغوسي لتلابي، رئيس تحالف أفريقيا لتقليل المخاطر، إلى معضلة حقيقية

قائلاً: “المنتجات غير القابلة للاحتراق قد تقلل من المخاطر الصحية الناتجة عن التدخين.

إلا أن الحكومات والتجار غير الشرعيين يواجهونها بالرفض بسبب تأثيرها على العائدات الضريبية.

هذا التصريح يسلط الضوء على التحديات المعقدة التي تواجهها الدول في محاولتها إيجاد توازن بين تحقيق الإيرادات المالية وحماية صحة المواطنين.

المخاطر الصحية

في المملكة المتحدة، كشفت الفحوصات المخبرية المتخصصة أن ما يقارب 30% من السجائر غير المشروعة المضبوطة تحتوي على مستويات خطيرة من الرصاص.

وهو ما يمثل تهديد حقيقي للصحة العامة ويفاقم المخاطر الصحية للمستهلكين بشكل كبير.

أما في الدول النامية، كالهند ونيجيريا، فإن انتشار هذه المنتجات المهربة بأسعار متدنية يؤدي إلى زيادة معدلات التدخين بين الفئات محدودة الدخل، خاصة الشباب.

مما يسهم في ارتفاع معدلات الأمراض المزمنة المرتبطة بالتبغ.

ويزيد الضغط على أنظمة الرعاية الصحية المثقلة أصلاً.

تنوع المخاطر

لا تقتصر أضرار التجارة غير المشروعة على قطاع التبغ وحده.

بل تمتد لتشمل قطاعات حيوية أخرى. في قطاع الأدوية، تنتشر العقاقير المزيفة التي قد تكون غير فعالة في أحسن الأحوال، أو قاتلة في أسوأها.

مما يشكل تهديد خطير على حياة المرضى الذين يعتمدون عليها.

كما أن الأجهزة الإلكترونية المقلدة، بما فيها الهواتف المحمولة وملحقاتها، تعرض المستخدمين لمخاطر أمنية جسيمة.

كسرقة البيانات الشخصية وانتهاك الخصوصية، فضلاً عن مخاطر التعرض للحوادث كالحرائق نتيجة عيوب التصنيع.

وفي قطاع السيارات، يتسبب استخدام قطع الغيار غير المطابقة للمواصفات في زيادة معدلات الحوادث المرورية بشكل ملحوظ.

مما يشكل تهديداً مباشر لسلامة السائقين والمارة على حد سواء.

استراتيجيات المكافحة

لمواجهة تحديات التجارة غير المشروعة، يؤكد الخبراء على ضرورة تبني استراتيجيات متكاملة ومتعددة الأبعاد.

تشمل هذه الاستراتيجيات تشديد الرقابة على المنافذ الجمركية.

وتعزيز الإطار القانوني والتشريعي الذي يجرّم الاتجار غير المشروع، إلى جانب تكثيف حملات التوعية الجماهيرية حول مخاطر استهلاك المنتجات غير الخاضعة للرقابة.

كما يلعب التعاون الدولي وتبادل المعلومات والخبرات بين مختلف الدول دور محوري في تفكيك الشبكات الإجرامية المنظمة التي تدير هذه التجارة غير القانونية.

هذا التعاون يمثل حجر الزاوية في أي استراتيجية ناجحة لمكافحة هذه الظاهرة العابرة للحدود.

تعد مكافحة التجارة غير المشروعة مسؤولية مشتركة تتطلب تضافر جهود الحكومات والمنظمات الدولية والقطاع الخاص والمجتمع المدني.

فالتصدي لهذه الظاهرة الخطيرة يسهم في حماية صحة المواطنين، وتعزيز الأمن المجتمعي.

ودعم الاقتصادات الوطنية، وتحقيق التنمية المستدامة التي تنشدها جميع دول العالم.